10 - 12 - 2025

بتقديم عمار علي حسن وعبد الهادي سعدون | الأرض الأخيرة تكمل ثلاثية سراج الأندلسية

بتقديم عمار علي حسن وعبد الهادي سعدون | الأرض الأخيرة تكمل ثلاثية سراج الأندلسية

هل كان المعتمد بن عباد بطلاً وطنيًّا أو خائنًا؟ وهل استحق نهايته المأساوية التي خلدها شعره وكتابات المؤرخين؟ وهل انتهى عصر ملوك الطوائف؟ هذه الأسئلة وغيرها يعالجها النص المسرحي "الأرض الأخيرة" للشاعر والمسرحي أحمد سراج، الذي صدر عن دار الأدهم للنشر والتوزيع بتقديم لعمار علي حسن الروائي والباحث في العلوم الاجتماعية والسياسية، ولعبد الهادي سعدون الأكاديمي والشاعر العراقي المقيم في إسبانيا.

من واقعتين الأولى معاصرة، والثانية تاريخية، ينطلق الكاتب المسرحي أحمد سراج لتأليف مسرحيته "الأرض الأخيرة" فبناء ضريح المعتمد بن عباد بشكل فخم وتحويله إلى مزار سياحي يرجع الفضل فيه إلى دوقة دي ألبا التي زارت أغمات، وحين ضايقها شكل قبر المعتمد بن عباد البسيط، قررت الإنفاق عليه حتى صار معلمًا سياحيًّا، والواقعة الثانية هي ماذا حدث للمعتمد بن عباد نفسه الذي كان ملكًا من ملوك الطوائف، وفارسًا معروفًا في واحدة من كبريات المعارك الأندلسية وهي معركة الزلاقة، ويدور النص بين زمنين؛ ففي الزمن المعاصر تقوم حفيدة دوقة دي ألبا بجمع فريق لإحياء تراث الأندلس وتجمع النابهين من الشباب العربي لإتمام المشروع، حتى يصلوا إلى مرحلة تأليف مسرحية وإخراجها باستخدام الذكاء الاصطناعي وتطويرات الهولجرام.

ستعيد النص الأمجاد العربية، ودور المرابطين في إنقاذ الأندلس من مخالب ملوك قشتالة، وإعطائها قبلة الحياة لقرابة نصف قرن من الزمان.

في رأي عمار: " نحن أمام مسرحية قصير نصها، وطويل زمنها، وعميق مغزاها، ومُحكم بنيانها، تنكأ جرحًا لا يزال طازجًا بين أصابع أناس يعيشون بين ظهرانينا الآن، تسيل منه ذكريات مفعمة بالحنين والندم، وتطل من قلبه حكمة سابغة لتاريخ يتكرر في زماننا؛ وبذا تكون المسرحية أشبه باستعارة سياسية مقتطفة من زمن ولى إلى زمن لا يزال يجري ببين أيدينا، أو يجري بنا إلى حيث يريد، كي يتنبه الحاضرون واللاحقون إلى ما أضنى السابقين وساقهم إلى الهزيمة والضياع"

أما عبد الهادي فيرى أن: " ولأن النص يتجاوز السرد التاريخي، فإنه يستثمر في الشخصيات المعاصرة التي تطل على الماضي عبر شاشة أو محاكاة أو نصوص. فالشخصيات الحديثة؛ جمال الكاتب، ومريم الباحثة الفلسطينية، وليزا الإسبانية التي تحمل إرثًا عائليًا معقدًا، وعامر العراقي المثقل بذاكرة الحروب، ليست تجميلًا للهيكل الدرامي، بل هي أصوات الحاضر الذي يرى في سقوط الأندلس استعارة عن سقوطات أخرى في فلسطين وبغداد ودمشق وطرابلس. إنهم يتجادلون حول المعتمد؛ كلٌّ يراه من زاويته: بطلًا أو خائنًا أو ضحية أو شاهدًا على عصرٍ كان يمكن أن يتغير لو اختلفت سلسلة صغيرة من القرارات. لكن هذا الجدل يكشف عن شيء أعمق: أننا لا ندرس التاريخ من أجل الماضي، بل من أجل أنفسنا. فالتاريخ لا يجيب عن الأسئلة، بل يدفعنا إلى طرح المزيد منها."

الجدير بالذكر أن "الأرض الأخيرة" هي النص المسرحي الثالث الذي يتناول الأندلس بعد مسرحية "زمن الحصار" التي تدور في الأيام الأخيرة للأندلس، وصدرت عن الهيئة العامة لقصور الثقافة ثم عن الهيئة العامة للكتاب وحازت جائزة تيمور المسرحية، ومسرحية "لمسة البعث" التي تدور حول ابن زيدون في زيارته الأخيرة لقرطبة، وصدرت عن دار نهضة مصر، وترجمت إلى اليونانية عن دار منشورات فاكسيكون، ضمن مشروع منحة الترجمة.

أحمد سراج كاتب مصري، ومؤسس مشروع: "أدب المصريين" ومشروع "النحو البسيط"، صدر له ديوان: "الحكم للميدان" (طبعتان)، وديوان "غرب الحب الميت" ورواية: تلك القرى" (ثلاث طبعات)، ومسرحيات: "زمن الحصار" (ثلاث طبعات)، و"القرار"، و"فصول السنة المصرية"، و"القلعة والعصفور" (طبعتان - ترجمت وعرضت في مهرجان صوت العالم بأمريكا) و"نصوص الأرض". وفخ النعامة، و"بطل الغروب" و"لمسة البعث، مسرحية شعرية" و"الذئب التائه" وكتب: "أدب المصريين.. شهادات ورؤى". و"النهار الآتي.. دراسات نقدية لتجربة رفعت سلام الشعرية" و"في أثر الوردة"، ينشر مقالاته وحواراته في أخبار الأدب، والأهرام، والأهرام العربي، والخليج، والحياة، والثقافة الجديدة، ولغة العصر، والدوحة، وتراث، والبحرين الثقافية، وعمان الثقافية.